الرئيسية / تقرير بريطاني : تركيا تخسر خياراتها لصالح اسرائيل في سوريا

تقرير بريطاني : تركيا تخسر خياراتها لصالح اسرائيل في سوريا

"Today News": متابعة 


أمام تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا والغارات الجوية التي تنفذها، يقول موقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن تركيا تجد نفسها أمام خيارات محدودة في مواجهة هذه الأوضاع، وذلك في ظل محدودية معداتها العسكرية وسياستها الخارجية التي تتجنب المخاطر.

وتحدث التقرير البريطاني، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن حادثة جرت مؤخراً في باكو، عاصمة أذربيجان، عندما التقى كبار المسؤولين الأتراك بنظرائهم الإسرائيليين في نيسان/ أبريل الماضي لإجراء محادثات سرية، حيث سادت أجواء ودية لم تكن متوقعة.

وأشار إلى حدوث تفاهمات حول إقامة خط ساخن بينهما لمنع الحوادث، بالنظر إلى وجود قوات وطائرات ومسيرات جوية لكلا البلدين في سوريا.

وبينما لفت التقرير، إلى أن الوفدين تناولا العشاء سوية في مطعم محلي في باكو، بقيادة مسؤول استخبارات تركي كبير ومسؤول كبير في الأمن القومي الإسرائيلي، قال إن "أمراً لم يكن متوقعاً حصل حيث دخلت إلى المطعم وزيرة الطرق والتنمية الحضرية الإيرانية فرزانة صادق، التي كانت في زيارة رسمية إلى باكو".

وتابع، أنه بينما كانت الوزيرة الإيرانية تشرب الشاي، أشار حراسها الشخصيون الأذربيجانيون سراً إلى مرشدها بأنها في المكان الخطأ، وجرى إخراجها سريعاً من دون أن تتعرف على ما يبدو على أي من أعضاء الوفد التركي الإسرائيلي.

ورأى التقرير البريطاني، أن هذه الحادثة تعكس الوضع في سوريا، حيث أنه مع إخراج الإيرانيين من سوريا، فإن إسرائيل وتركيا تسعيان إلى تحقيق مصالحهما الخاصة، التي تلتقي أحياناً وتتناقض في الغالب.

وأشار التقرير، إلى أنه "عندما استهدفت إسرائيل في نيسان/ أبريل الماضي عدة قواعد جوية سورية كان الجيش التركي على وشك السيطرة عليها، فإن رد أنقرة كان مدروساً"، مضيفا أنه "بتشجيع من الأمريكيين، فإن أنقرة اختارت التعاون مع إسرائيل والسعي إلى حل وسط".

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل قلقة من أمرين أساسيين، هو أنه في حال نشرت تركيا رادارات ودفاعات جوية متطورة في قاعدة "تي-4" الجوية، فإن العمليات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك الضربات ضد إيران، ستصبح مكشوفة، كما أن الإسرائيليين كانوا قلقين من أن أنظمة الدفاع الجوي التركية قد تردع بعض عملياتهم الجوية تماماً.

وتابع، أنه من أجل معالجة هذه القضايا، فإن الأتراك أشركوا نظرائهم السوريين في اجتماعات لاحقة عقدت في باكو، حيث وافق السوريون على عدم نشر قوات عسكرية في مناطق معينة في الجنوب السوري، مشيراً إلى أن أنقرة حاولت أن تؤكد لإسرائيل أنها لا تعتزم أن تجعل من سوريا مصدر تهديد لأمنها.

وذكر التقرير، أنه "بعد مرور ثلاثة شهور، فإن أزمة أخرى أظهرت أن المحادثات مع إسرائيل لم تسوي الخلافات حول سوريا"، مشيراً بذلك إلى أحداث السويداء الأخيرة حيث نشرت الحكومة السورية قوات لها مما دفع إسرائيل إلى شن ضربات قاسية ضد الجيش السوري، ثم على دمشق نفسها والقصر الرئاسي ووزارة الدفاع، وهي غارات وصفها التقرير بأنها "مفاجئة" لأنها تزامنت مع اجتماع آخر بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين في باكو، بعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أذربيجان.

ورأى التقرير، أن "الهجمات الإسرائيلية وضعت تركيا في موقف صعب، حيث أن نفوذها ضئيل ولا يتعدى إمكانية حث واشنطن للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار".

وذكّر التقرير بأن "وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، كشف بشكل مفاجئ، أن أنقررة نقلت مواقفها ومقترحاتها بشأن السويداء إلى إسرائيل عبر قنوات استخباراتية"، مشيراً إلى أن وقف إلاق النار لن يكون ممكناً إلا بوساطة أمريكية، وهو ما وصفه التقرير بأنه يعكس استمرار مسعى تركيا للتواصل مع إسرائيل عبر قنوات مباشرة، بدلاً من المواجهة معها.

وبعدما لفت التقرير إلى دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تنشر تركيا أنظمة دفاعها الجوي لردع المزيد من الغارات الإسرائيلية، أو أن تسيطر تركيا فوراً على القواعد العسكرية السورية، نقل التقرير عن مسؤولين أتراك قولهم إنهم "لا يرغبون في المخاطرة بمواجهة مباشرة مع إسرائيل في سوريا أو تحويلها إلى ساحة معركة أخرى، خاصة بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية".

وبحسب هؤلاء المسؤولين، كما أشار التقرير، فإن هناك خشية من أن تتسبب هذه التوترات بتخريب جهود إعادة إعمار سوريا، وإثارة قلق المستثمرين الدوليين، حيث تسعى كل من سوريا وتركيا إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية لاقتصاديهما.

وبالنسبة للمسؤولين أنفسهم، فإن الأزمات يجب أن تتم تسويتها دبلوماسياً، في وقت تنحو إسرائيل إلى استخدام المواجهات العسكرية كمبرر لأجندتها في التوسع.

وتابع التقرير أن أنقرة حريصة أيضاً على عدم تكرار أخطاء إيران في سوريا، حيث أنها لا تريد تقويض شرعية حكومة الشرع أو السعي إلى الهيمنة الإقليمية مثلما فعلت طهران بدعمها للرئيس الأسبق بشار الأسد.

وذكر التقرير، أن أنقرة لديها شكوك بأن إسرائيل تتعمد إثارة الأزمات واستخدامها كذريعة لمزيد من زعزعة استقرار المنطقة من خلال الضربات العسكرية، مضيفاً أنه حتى لو رغبت تركيا بالاعتماد على القوة العسكرية، فأنها تواجه قيوداً كبيرة.

ونقل التقرير عن خبير الصناعة العسكرية التركي يوسف اكبابا في منشور على منصة "أكس" ثم حذفه لاحقاً، قوله "لكي يضمن الجيش التركي أمن المجال الجوي السوري فوق دمشق، سيحتاج إلى أنظمة دفاع جوي ومعدات جوية قادرة على القيام بهذه المهمة، لكن من خلال مخزوننا الحالي الذي لا يكفي حتى لحماية تركيا نفسها، فأنه لا يمكننا الدفاع عن دولة أخرى".

لكنه أشار إلى أن لدى دول مثل السعودية والإمارات وقطر، مخزونات أفضل بكثير من تركيا في هذا المجال.

وفي الوقت نفسه، أشار التقرير إلى حاجة تركيا لتحديث قدراتها الدفاعية، موضحاً أن أسطول "طائرات أف-16" التركي القديم يحتاج إلى تحديث من خلال صفقات معلقة، مثل اتفاقية أنقرة بمليارات الدولارات مع واشنطن والمحادثات الجارية بشأن طائرات "يوروفايتر".

وتابع قائلاً إنه برغم امتلاك أنقرة لأنظمة دفاع جوي قصيرة ومتوسطة المدى من طراز "حصار" المصنعة محلياً، إلا أن عددها محدود.

ولفت التقرير، إلى أن المخططين العسكريين الأتراك بحثوا إمكانية نشر صواريخ "أس-400" الروسية في سوريا، ربما في "قاعدة تي-4 الجوية"، إلا أن واشنطن عارضت هذه الخطوة.

ورأى أنه، برغم الزيارات الكثيرة للمسؤولين العسكريين الأتراك إلى دمشق، إلا أن الحماس محدود لإقامة قواعد تركية في سوريا، مشيراً إلى أن "الجيش التركي يتردد تقليدياً في إقامة قواعد في عمق الأراضي الأجنبية، وأنه بعد قرابة عقد من الزمن في سوريا، لا توجد رغبة في المزيد من المغامرات".

واعتبر التقرير، أن "الأكثر أهمية من ذلك، هو أن الحكومة السورية ليست قادرة على توقيع المعاهدات اللازمة لدعوة أنقرة رسمياً، حيث لم يشكل نظام الشرع حتى الآن البرلمان المؤقت المنصوص عليه في الدستور المؤقت".

وخلص التقرير إلى القول، إن الرأي السائد في أنقرة يتمثل في أن الدبلوماسية ما تزال الوسيلة الأفضل لتسوية الأزمة مع إسرائيل، خصوصاً أن إدارة ترامب والمملكة السعودية وغالبية دول الجامعة العربية، تدعم الحكومة السورية الجديدة.

وختم بالتذكير بما قاله فيدان الأربعاء الماضي، حيث أوضح أن "هذا وضع شديد الخطورة، ليس فقط للمنطقة، بل أيضاً لإسرائيل، وعلى المجتمع الدولي وخصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، أن تظهر بعض الحساسية وأن تضع حداً لإسرائيل، أو سيكون هناك عواقب وخيمة في المنطقة".


أمس, 23:02
عودة