"Today News": بغداد
اعظم الله اجركم بوفاة النبي محمد خاتم الأنبياء والرسل (صلى الله عليه وآله) والحامل رسالة الرحمة للإنسانية:
في الثامن والعشرين من صفر من العام الحادي عشر للهجرة، رحل عن الدنيا النبي محمد ( صلى الله عليه وأله) رسول الإنسانية وخاتم الأنبياء، تاركًا للبشرية إرثًا خالدًا من القيم الروحية والإنسانية.
1- رسول الرحمة الربانية محمد ( صلى الله عليه وآله):
﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾، أرسى قواعد العدالة والمساواة بين الناس، رافضًا الظلم بكل أشكاله.
إن استذكار هذه الذكرى ليس مجرد استحضار للماضي، بل هو دعوة متجددة لإحياء القيم التي حملها في مواجهة التحديات التي يواجهها العالم اليوم وبالأمس.
2- النبي محمد (ص):
نموذج العدالة والحرية
كان الرسول (ص) في سيرته قائدًا للسلام، لا يقاتل إلا دفاعًا عن الحق والعدل واطاعة الخالق الواحد الأحد، ويأمر بالوفاء بالعهود وحماية الضعفاء. رسّخ مبدأ المساواة بين البشر بقوله: ( لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى)، وعاش متواضعًا قريبًا من الفقراء. هذه المبادئ تمثل جوهر رسالته التي حملت الحرية والكرامة والعدالة لكل إنسان.
3- غزة فلسطين المحتلة تستغيثكم
وفيما يحيي المسلمون ذكرى النبي الأعظم، تصرخ غزة تحت وابل القنابل والحصار. يعيش أهلها كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتواصل المجازر بحق النساء والأطفال والشيوخ والرجال ، وتتحول المستشفيات والمدارس إلى مقابر جماعية. ما يجري ليس مجرد حرب، بل هو إبادة جماعية مكتملة الأركان وفق القانون الدولي، تشهد عليها تقارير الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.
4- المسؤولية الإسلامية والإنسانية
أمام هذه الجرائم، تُطرح أسئلة مؤلمة: أين أمة المليار ونصف مسلم؟ أين أكثر من سبعٍ وخمسين دولة إسلامية تمتلك من الموارد والقدرات ما يكفي لنصرة المستضعفين؟ لقد قال النبي (ص) : «مَن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم»، وهو توجيه صريح يجعل نصرة المظلوم جزءًا من العقيدة الإسلامية . إن الصمت أو التخاذل أمام الدم الفلسطيني يعني الانسلاخ عن رسالة الإسلام وقيم النبي محمد (ص) .
5- تشويه صورة الإسلام ومسؤولية المواجهة
زاد من خطورة الموقف أن جماعات متطرفة مثل داعش والقاعدة انتحلت اسم الإسلام بدعم من اعدائه ، وارتكبت جرائم شوهت الرسالة المحمدية. هذا التشويه خدم مشاريع الأعداء الذين أرادوا حصر صورة الإسلام في العنف، في حين أن نبي الإسلام (ص) كان وما يزال رسول الرحمة والعدل والإنصاف.
6- القيم المشتركة بين الرسالات السماوية
لقد أكد الإسلام وحدة الرسالات السماوية: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ﴾، وهذه القيم الجامعة تقوم على حماية الإنسان ورفض العدوان. غير أن الاحتلال الصهيوني ضرب عرض الحائط بكل هذه المبادئ، فاعتدى على الإنسان والحجر والشجر، ولم يحترم ميثاقًا ولا قانونًا. إنه بذلك لا يعادي المسلمين فقط، بل يعادي القيم الإنسانية جمعاء.
7- نداء من قلب الذكرى
في ذكرى رسول الله ( ص) يتجدد النداء للأمة الإسلامية ولأحرار العالم: أن يتحركوا بجدية لوقف الإبادة في غزة، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ومحاسبة مجرمي الحرب. إن نصرة فلسطين اليوم ليست خيارًا سياسيًا، بل واجب ديني وإنساني وأخلاقي. وقد قال رسول الله (ص):
«مَن أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومَن سمع رجلاً ينادي يا للمسلمين فلم يُجبْه فليس بمسلم».
8- الوفاء الحقيقي لرسول الرحمة
إن الوفاء لرسول الله (ص) لا يتحقق بالشعارات أو العاطفة وحدها، بل بالعمل على نصرة المظلومين، والدفاع عن كرامة الإنسان حيثما كان. وغزة اليوم تمثل الاختبار الحقيقي للأمة: هل سنسير على نهج الرحمة والعدل الذي جاء به النبي، أم نخذل وصاياه ونكتفي بالصمت؟ إن الوفاء للنبي يعني أن يبقى الحق مرفوعًا، حتى يزول الاحتلال وتشرق شمس الحرية على فلسطين وكل المظلومين في الأرض.
الدكتور وليد الحلي
الأمين العام
مؤسسة حقوق الإنسان
21 آب 2025