في الذكرى السنوية الثامنة للانتصار على الإرهاب الداعشي واليوم العالمي لحقوق الإنسان
"Today News": بغداد
في هذا اليوم العظيم، حيث تتزامن الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 مع ذكرى الانتصار التاريخي على الإرهاب الداعشي في 10 كانون الأول 2017، نقف وقفة تأمل ومسؤولية لقراءة الواقع العالمي، واستحضار التضحيات الجسام التي قدمها الشعب العراقي دفاعًا عن الكرامة الإنسانية.
إن هذا التزامن ليس مجرد مناسبة تاريخية، بل هو رسالة تؤكد أن حقوق الإنسان لا تصان بالشعارات، بل بالوعي والتضحية والقدرة على مواجهة الظلم.
أولاً: الحاجة إلى مراجعة شاملة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان
بعد مرور ٧٧ عامًا على صدور الإعلان العالمي، ما زالت المبادئ السامية التي نصّ عليها تعاني من الغياب والتعطيل، وهو ما يستلزم صياغة جديدة أكثر قدرة على حماية الإنسانية.
أسباب المطالبة بتحديث الإعلان العالمي هي كما يلي:
1.استمرار الحروب والصراعات الدولية التي تهدد الأمن والسلم العالمي وتستخدم فيها أسلحة الدمار والتجويع.
2.استغلال القوى الكبرى لمجلس الأمن عبر “الفيتو” لإسقاط القرارات العادلة ودعم أنظمة قمعية واحتلالية.
3.تحويل مبادئ حقوق الإنسان إلى شعارات استهلاكية تستخدمها بعض الدول لفرض سياسات الهيمنة والسيطرة.
4.ازدياد الفقر إلى أكثر من مليار فقير عالميًا مع اتساع فجوة الظلم الاجتماعي.
5.التمييز ضد المرأة والطفل وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة رغم وضوح النصوص الحقوقية.
6.النزوح الجماعي نتيجة الحروب والديكتاتوريات المدعومة من قوى كبرى.
7.انتشار التلوث البيئي والانحباس الحراري وغياب إرادة دولية حقيقية لمعالجة الكارثة.
8.تصاعد التطرف العنصري والطائفي في عدد من الدول.
9.استغلال الأزمات للتحكم بالأسعار والطاقة والسلع على حساب الشعوب الفقيرة.
10.انتشار الفساد والإرهاب والمخدرات والشعوذة والتضليل الإعلامي بدعم شبكات دولية منظمة.
هذه الحقائق تؤكد أن العالم بحاجة إلى إعلان جديد لحقوق الإنسان، يضمن الآليات التنفيذية الملزمة، ويمنع الدول الكبرى من تعطيل العدالة، ويحوّل المبادئ من أوراق جميلة إلى حقوق واقعية للشعوب.
ثانياً: دروس العراق للعالم في حماية حقوق الإنسان
1. فتوى الدفاع الكفائي: ولادةُ مشروع إنساني للدفاع عن الحياة
مثّلت فتوى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف نقطة تحول تاريخية؛ إذ وحّدت العراقيين للدفاع عن الأرض والعِرض والكرامة. وقد أثبتت للعالم أن الإرادة الشعبية إذا التحمت بالقيم الأخلاقية تستطيع مواجهة اعتى قوى الإرهاب.
2. القوات الأمنية والحشد الشعبي: درع الوطن وذراع الإنسانية
لقد قدم أبطال الجيش والشرطة والحشد الشعبي تضحيات مشهودة، ولم يحموا العراق فحسب، بل حموا المنطقة والعالم من تمدد داعش، وأكدوا أن الدفاع عن الإنسان واجب أخلاقي قبل أن يكون واجبًا وطنيًا.
3. وحدة الشعب والعشائر
انتصار العراق لم يكن عسكريًا فقط، بل كان ملحمة اجتماعية ووطنية شاركت فيها العشائر، والعوائل، وأمهات الشهداء، والجرحى، والنازحون الذين تحملوا المحن من أجل أن ينتصر الوطن.
ثالثاً: انتهاكات حقوق الإنسان في العالم حقائق لا يمكن تجاهلها
رغم الشعارات الجميلة مثل: “الكرامة والحرية والعدالة للجميع”، ما يزال العالم يشهد يوميًا انتهاكات بشعة، من بينها:
• استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين في الحروب والنزاعات.
• الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني في غزة وبقية فلسطين المحتلة.
• القمع والاضطهاد وسلب الإرادة في دول عديدة.
• دعم أنظمة الاستبداد على حساب إرادة الشعوب.
هذه الحقائق تؤكد أن المنظومة الدولية الحالية غير قادرة على حماية الإنسان، بل أصبحت أداة بيد الأقوياء.
رابعاً: دعوة إلى نظام دولي أكثر عدلاً وإنسانية.
نؤكد على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بحاجة إلى إعادة كتابة شاملة تستند إلى:
1.وضع آليات تنفيذية ملزمة تمنع تعطيل القرارات بالفيتو.
2.تحرير مجلس الأمن من هيمنة القوى الكبرى.
3.جعل حقوق الإنسان فوق المصالح السياسية والاقتصادية.
4.إيجاد نظام عالمي عادل يحمي الشعوب المستضعفة من الاحتلال والإرهاب.
5.تبنّي خطاب إنساني جامع يركّز على الكرامة والحرية والعدالة والمساواة.
خامساً: كلمة للعراق وشعبه في هذه المناسبة:
في ذكرى الانتصار على الإرهاب، نتوجه بكل الفخر والشكر والاعتزاز إلى:
١- المرجعية الدينية لسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) التي قادت الأمة بثبات وحكمة.
٢- قيادة العراق والقوات المسلحة العراق من قبل الدكتور حيدر العبادي الذي قاد النصر على الأعداء بعون الله وتوفيقه.
٣- القوات الأمنية والحشد الشعبي الذين أثبتوا أن حماية الإنسان مسؤولية وطنية وإنسانية.
٤- أرواح الشهداء الأبرار الذين قدّموا دماءهم من أجل أن يبقى العراق حرًا.
٥- عوائل الشهداء والجرحى الذين صبروا وشاركوا في صناعة النصر.
٦- الشعب العراقي المضحي والغيور الذي ترجم قيم حقوق الإنسان في أبهى صورها حين وقف ضد الظلم والإرهاب.
إنّ هاتين المناسبتين، وهما ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وذكرى الانتصار على إرهاب داعش، هما دعوة للعالم كي يعيد النظر في منظومته الحقوقية، وأن يتعلم من تجربة العراق، وأن يجعل الإنسان محور السياسات بدلًا من أن يكون ضحية لها.
الدكتور وليد الحلي
الأمين العام
مؤسسة حقوق الإنسان
١٠ كانون الاول ٢٠٢٥
10-12-2025, 14:00 في الذكرى السنوية الثامنة للانتصار على الإرهاب الداعشي واليوم العالمي لحقوق الإنسان
د. وليد الحلي8-12-2025, 11:30 الجمود الفكري والسياسي محاولة للفهم
ابراهيم العبادي4-12-2025, 20:37 أمّ البنين… امرأةٌ تجاوزت حدود الأمومة لترتقي إلى سماء الولاء
د. وليد الحلي3-12-2025, 17:32 70 عاماً من التدخل الامريكي في مصير العالم
د.رعدهادي جبارة