• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

مخاوف من عودة عوائل داعش إلى العراق .. "قنابل بشرية موقوتة"

مخاوف من عودة عوائل داعش إلى العراق .. "قنابل بشرية موقوتة"

  • أمس, 16:54
  • تقاير ومقابلات
  • 16 مشاهدة
"Today News": متابعة 


في ظل مساعي الحكومة العراقية لإعادة دمج العائلات العائدة من مخيمات النزوح، لا سيما من مخيم الهول السوري، تتصاعد التحذيرات من أن هذه العملية تصطدم بواقع اجتماعي معقد، تحكمه ثارات عشائرية، وذاكرة دموية، وشكوك مجتمعية متجذّرة.

وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، يوم الجمعة، توقيعه مذكرة تعاون وتنسيق مشترك مع وزارة الهجرة والمهجرين، بهدف تنسيق عمليات التأهيل وإعادة الدمج المجتمعي للعائدين من مخيمات النزوح في سوريا.

التطرف سيعود

وبهذا الصدد، يقول أحد وجهاء محافظة صلاح الدين، سلطان الجبوري (65 عاماً) ، إن "هناك عائلات أيديها ملطخة بالدماء، ولا تستطيع العودة إلى مناطقها، خصوصاً الذين كانوا في مخيمات مثل الهول أو الجدعة، إذ ما تزال الذاكرة الجمعية تحتفظ بمآسٍ مؤلمة".

ويضيف الجبوري، أن "عودة هذه العائلات ليس بالقرار السهل، فهناك ضحايا وثأر ودماء، وبالتالي فإن الحل لا يقتصر على مجرد نقل العائلات إلى مساكنهم السابقة، بل يتطلب عملية إعادة تأهيل حقيقية ودمج اجتماعي مدروس، بإشراف حكومي وعشائري مشترك".

ويشير إلى أن "غياب المعالجات الاجتماعية والقانونية لهذه القضية سيُبقي آلاف العائلات في دوامة النبذ والعزل، وربما يدفع الأجيال الجديدة نحو التطرف مجدداً".

قنابل موقوتة

ومن نينوى، يقول المواطن عباس الموسوي وهو من أهالي قضاء تلعفر، إن "عودة عائلات تنظيم داعش إلى المدن التي عانت من بطشه، وخصوصاً نينوى، مسألة بالغة الحساسية، لأن كثيراً من هذه العائلات مرتبطة عضوياً أو فكرياً بالجماعة، ووجودهم بين المدنيين دون رقابة يشكل تهديداً محتملاً لأمن المجتمع".

ويضيف في حديثه ، أن "الحل لا يكون بإعادتهم عشوائياً، بل عبر إنشاء مواقع خاصة أو مجمعات مغلقة تخضع للتأهيل النفسي والفكري والتربوي والمراقبة الدقيقة، مع إشراف حكومي وأمني واجتماعي، وبمشاركة منظمات مختصة في منع التطرف".

ويشير الموسوي إلى أن "من بين هؤلاء العائدين، أطفال ونساء يحملون جنسيات غير عراقية، وغالباً ما تكون الأم عراقية والأب أجنبي أو عربي قاتل في صفوف التنظيم، وهذه التركيبة تجعلهم أكثر عرضة للتشدد أو الرفض المجتمعي، ما يجعلهم قنابل موقوتة إن تُركوا دون احتواء حقيقي".

عزلة وانتقام

من جهته، يؤكد الناشط في مجال تأهيل عوائل التنظيم، فخر الدين أحمد ، أن "العمل مع هذه العائلات يتطلب درجة عالية من الحساسية والحياد، فالكثير منهم ضحايا بشكل أو بآخر، خصوصاً الأطفال والنساء الذين جرى استغلالهم أو تنشئتهم قسراً في بيئة متطرفة".

ويتابع قائلاً: "أحد أكبر التحديات التي نواجهها هو غياب الدعم المجتمعي لبرامج التأهيل، إذ تُقابل العوائل العائدة غالباً بالرفض والوصم الجماعي، حتى إن لم يكن لهم دور مباشر في أعمال العنف، ما يُسهم في تغذية مشاعر العزلة والانتقام، ويُشكل بيئة خصبة لتكرار دائرة التطرف".

ويلفت أحمد إلى أن "المنظمات تبذل جهوداً كبيرة، لكنها لا تستطيع النجاح دون دعم حكومي وتعاون من العشائر المحلية".

من جانبه، يوضح سمير عبد الله، أحد المهجرين من محافظة ديالى، في حديثه ، أن "هناك آلاف العائلات المهجرة التي لم تتمكن حتى الآن من العودة إلى مناطقها الأصلية، واضطرت للاستقرار في مدن أخرى".

ويتابع "ملف إعادة عوائل داعش إلى العراق لا يخلو من محاذير حقيقية، فهناك ثارات قديمة، ومطلوبون للعدالة لا يمكنهم العودة أساساً، فيُعاد بدلاً عنهم أفراد أسرهم، مما يُثير حساسيات مجتمعية وعشائرية يصعب تجاوزها".

ويبين عبد الله "قضية الثأر ما زالت قائمة، والذاكرة المجروحة لم تندمل بعد، ولذلك فإن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون بحذر شديد، وبآليات مدروسة تضمن عدم تجدد العنف أو الانتقام"، مشدداً على أن "العديد من العائلات المتضررة ترفض بشدة عودة من تعتبرهم شركاء في ما جرى من مآسٍ وقتل وتهجير".

خطاب ديني وسطي

أما من الجانب الديني، فيرى رجل الدين حسام أحمد، في حديثه ، أن "فكر تنظيم داعش لا يمكن التعامل معه فقط كتهديد أمني، بل هو أزمة فكرية عميقة تحتاج إلى معالجة دينية ومجتمعية دقيقة، لأن الكثير ممن نشأوا في بيئة التنظيم قد تشرّبوا مفاهيم مغلوطة عن الدين والحياة والمجتمع".

ويقول إن "التأهيل الديني لا يقل أهمية عن باقي جوانب الأمن، وكذلك الجانب الديني مهم في تأهيل أفكار عائلات داعش وإعادة دمجهم ثانية في المجتمع العراقي وهذا يحتاج إلى وقت من خلال توفير الدعم لإعادة تأهيلهم ودمجهم مجتمعياً".

ويضيف "هناك حاجة ملحة إلى برامج تأهيل ديني حقيقي، تقوم على تصحيح المفاهيم، وتقديم خطاب ديني وسطي يعالج الانحرافات التي زرعها التنظيم، وخاصة لدى الأطفال والنساء"، داعياً إلى "إشراك رجال دين معتدلين ومتخصصين، يتحدثون بلغة مقبولة، ويركزون على بناء الثقة وإعادة دمج هذه الفئات في المجتمع".

ثأر عشائري

من جهته، يؤكد رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، أرشد الصالحي ، أن "البرامج الأممية مهمة جداً في إعادة تأهيل ودمج الأبرياء من عائلات داعش، وفي الوقت نفسه يجب الاهتمام بضحايا الإرهاب بالتزامن مع عملية إعادة العوائل من مخيم الهول للحفاظ على الاستقرار والسلم المجتمعي، وذلك بعد التدقيق الأمني لكل واحد منهم والعمل على إعادتهم إلى مناطقهم المحررة".

ويشير الصالحي إلى أن "عملية إعادة العوائل تمرّ بعدة عمليات تدقيق أمني لضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب، وأن الحكومة تعمل وفق منهجية واضحة ومدروسة بهذا الخصوص"، منوهاً إلى أن "العديد ممن عادوا من مخيم الهول يرفضون العودة إلى مناطقهم الأصلية خشية من عمليات الانتقام والثأر العشائري، والبرامج الأممية سيكون لها دور مهم في تجاوز العديد من هذه المشاكل المجتمعية".

فيما يقول الضابط المتقاعد من الجيش العراقي، العقيد حمزة البياتي، في تصريح له ، إن "عائلات داعش وإعادة تأهيلهم يجب أن يكون وفق معايير مهنية احترافية، لأن فكر التنظيم متجذر في هذه المجاميع، وليس من السهل إصلاحهم خلال يوم أو شهر أو حتى عام".

ويشير البياتي إلى أن "جانب التأهيل متوقف على الكثير من الأمور التي تحتاج تعاوناً دولياً وعلى مستوى أممي، لتوفير مستويات متعددة لإعادة التأهيل ودمج عوائل داعش في المجتمع".

ويضيف "تُعد عملية إعادة الدمج واحدة من أكثر الملفات تعقيداً، إذ إنها لا تقتصر على إرجاع العائلات إلى مناطقهم، بل تتطلب بناء برامج تأهيل نفسي متخصصة، خاصة للأطفال والنساء الذين تعرضوا لصدمات عنف وغسيل دماغ ممنهج، كما أن إدماجهم في المجتمع يتطلب توفير بيئة تعليمية آمنة تعيد بناء الثقة، وتعوّض ما فاتهم من تعليم أو تعرضهم لأفكار متطرفة".

وينوه إلى أن "أهمية التأهيل تكمن أيضاً في توفير فرص اقتصادية ومعيشية للعائلات العائدة، من خلال برامج تمكين مهني وتدريب حرفي، تضمن لهم مصادر دخل مستقرة وتبعدهم عن أجواء العزلة أو التهميش، إلى جانب ذلك، تحتاج العملية إلى حملات توعية مجتمعية على نطاق واسع لكسر حاجز الرفض والوصم الاجتماعي، وتشجيع تقبّل العائلات من قبل محيطها المجتمعي، مع إشراك وجهاء العشائر والقيادات المحلية لتوفير ضمانات الاستقرار وعدم الانتكاس

أخر الأخبار