• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

خصوصيةالمفردةالقرآنية 31 - التكبير .. معناه ومكانته في القرآن الكريم

خصوصيةالمفردةالقرآنية 31 - التكبير .. معناه ومكانته في القرآن الكريم

  • أمس, 14:20
  • مقالات
  • 43 مشاهدة
د.رعدهادي جبارة

"Today News": بغداد 


مقدمة:
"الله أكبر": عبارةٌ قصيرة المبنى، عظيمة المعنى. هي أول ما يسمعه المسلم المولود في أذنه،و آخر ما يُرجى أن يخرج من فمه عند موته. هي مفتاح الصلاة، وراية الجهاد، وشعار الأعياد. ومع ذلك،
فإن التأمّل في القرآن الكريم يُظهر أن هذه العبارة لم تُذكر كثيرًا فيه، بل وردت صراحةً ثلاث مرات فقط.وليست بصيغة التكبير المعهودة ومعناه المتعارف.

فهل في هذا قلةُ شأنٍ؟
 أم عِظمُ تمييز؟
وما موقع التكبير من ألفاظ الذكر الأخرى كالتسبيح والتهليل والتحميد؟
في هذه المقالة، نبحر في *معاني التكبير ومكانته في القرآن،* وعلاقته بالشعائر والعقيدة.
????أولًا: ورود عبارة "الله أكبر" في القرآن:
وردت عبارة "الله أكبر" بلفظها الصريح في ثلاثة مواضع فقط في القرآن الكريم، وهي:
1. سورة التوبة – الآية 72﴿وَرِضۡوَ ٰ⁠انࣱ مِّنَ ٱللهِ أَكۡبَرُ﴾
في هذا الموضع، يؤكّد القرآن أن رضا الله أعظم من الجنة نفسها، رغم ما فيها من أنهار ومساكن طيبة وخلود. إنها إشارة إلى أن لذة القرب الإلهي فوق كل نعيم.
2. سورة العنكبوت – الآية 45 ﴿وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ﴾
الآية تشير إلى أثر الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر، ثم تبيّن أن ذكر الله أعظم حتى من هذا الأثر. ذكر الله هنا هو غاية الصلاة وثمرتها.
3. سورة غافر – الآية 10 ﴿لَمَقۡتُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُ مِن مَّقۡتِكُمۡ أَنفُسَكُم﴾
في مشهد من مشاهد يوم القيامة، يُنادَى الكافرون بأن مقت الله لهم أعظم من مقتهم لأنفسهم، وهي أقصى صورة من صور الخزي والعقاب.
وإلى ذلك أشار العلامة السيد محمود الميالي.
???? إذن؛ المواضع الثلاثة أعلاه هي ليست كصيغة التكبير الوارد في فصول الأذان وتكبيرة الإحرام.بل وردت كجملة قريبة منها لتأكيد عظمةٍ ما:
-عظمة رضا الله
-عظمة ذكره
-عظمة عدله ومقته للكفر

????ثانيًا: التكبير في أفعال القرآن
إن جملة *"الله أكبر"* بصيغتها اللفظية قليلة الورود، لكن جذر الكلمة (كبّر – يكبّر – تكبير) ورد في مواضع ذات دلالات عالية:
● سورة البقرة – الآية 185 ﴿وَلِتُكْمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ﴾
وهذا أصل مشروعية تكبيرات العيد عقب إتمام صيام رمضان.
● سورة الإسراء – الآية 111 ﴿وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرٗا﴾
أمر للنبي (ص) بتعظيم الله تعالى تعظيمًا مطلقًا، يشمل القول والفعل و الموقف النفسي.

????ثالثًا: التكبير في الشعائر الإسلامية:
■تكبيرة الإحرام: لا تنعقد الصلاة إلا بها.وهي ركن في الصلاة.
■تكبيرات الركوع و السجود: تؤكد الانتقال بين أركان الصلاة في خضوع.
■تكبيرات العيد: شعار الفرح والطاعة بعد إتمام الصيام أو النسك.
■تكبيرات الجنازة: وطبعاًفإن عدد تكبيرات صلاة الجنازة عند الشيعة هو خمس تكبيرات، بعد كل تكبيرة، هناك دعاء أو ذكر معين يُستحب قوله.
■أيام العشر من ذي الحجة: يُستحب فيها الجهر بالتكبير.
???? وهكذا، يصبح التكبير إطارًا لكل العبادات، يعلن بها المسلم: "الله أعظم من كل ما أقبلت عليه، ومن كل ما تركته خلفي".

????رابعًا: المعنى العقدي والروحي للتكبير
إن التكبير ليس مجرد ترديد لفظي، بل هو إعلان توحيدي بأن:
#لا قوة تُخشى إلا قوة الله.
#لا عظمة إلا عظمته.
#لا حكم إلا حكمه.
#لا يُقدَّم شيء على أمره ورضاه.
????ولهذا كان التكبير في أصل حقيقته:
-تحررًا من الخوف إلا من الله.
-تحررًا من الطغيان مهما بلغ.
-تحررًا من الدنيا مهما زينت.
 يقول الأخ الشيخ عبد السلام فرج الله ( فالله اكبر من كل شيء وليس كمثله شيء .. ) غير صحيح ولا يمكن أن يكون هناك قياس بين الله وبين الأشياء لأن الله تعالى يقول ( ليس كمثله شيء ) أي أنه ليس شيئا فتقاس به الأشياء أي لا يمكن أن نقول: الله أكبر من كل شيء× بل معنى [الله أكبر] هو أنه أكبر من أن يقاس به شيء، ولذلك كان أئمتنا عليهم السلام يقولون بعد المؤذن إذا قال ( الله أكبر ) يقولون: ( كبّرت كبيراً لا يقاس وعظيما لا تدركه الحواس ).
ويقول بعض العلماء: "من كبَّر الله، صَغُرَ عنده كل شيء، ومن صَغُر الله في عينه، كَبُرَ كل شيء أمامه".

????خامسًا: لماذا قَلَّ ورود التكبير في القرآن؟
رغم عظم شأن التكبير، إلا أنه لم يرد كثيرًا في القرآن مقارنةً بالتسبيح والتهليل:
-التسبيحنحو 90 مرة
[التنزيهتنزيه الله عن النقص]
-التحميدنحو 23 مرة[الثناءالاعتراف بالفضل]
-التهليلفي صيغ متعددة[التوحيدونفي الشرك]
-التكبير3 مرات صريحة + 2 غير مباشرة
[التعظيمإعلان تفوق الله على كل شيء]
???? السبب:
التكبير ليس ذكرًا فقط، بل موقف ومفصل وجودي،ورد في لحظات مفصلية:
-بين الجنة والنار
-بين الصلاة والذكر
-بين الرحمة والعدل

وهذا يوحي بأنه ذِكر خاص بمقام العظمة القصوى، لذا لم يُكثر من ذكره، بل وُضع في سياقات مخصوصة ذات طابع وجودي وروحي شديد التأثير.

????خاتمة
"الله أكبر" ليست مجرد عبارة تتردّد باللسان، بل هي صرخة إيمان، وإعلان حرية، وتحرر من العبودية لغير الله.
هي مفتاح العروج في الصلاة، وسلاحٌ في وجه الطغيان، وصرخة فرح في الأعياد، ولحظة وعي في ساحات الجهاد، و موقف نفسي في كل منحدرات الحياة.

*أما قِلّة ورودها في القرآن* فلا تنقص من عظمتها، بل تدل على تفرّدها، وأنها تُذكر حين تكون النفوس على أبواب التحول العظيم، بين دنيا وآخرة، بين خوفٍ وأمن، بين طغيان وتحرر.

فـ *"الله أكبر"* في جوهرها ليست كلمة... بل حياة.

د.رعدهادي جبارة
الأمين العام
للمجمع القرآني الدولي

أخر الأخبار