• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

أربعينية الإمام الحسين (ع) ملحمة إنسانية عالمية لتجديد العهد مع نهضته الإصلاحية

أربعينية الإمام الحسين (ع) ملحمة إنسانية عالمية لتجديد العهد مع نهضته الإصلاحية

  • اليوم, 09:23
  • مقالات
  • 23 مشاهدة
وليد الحلي

"Today News": بغداد 


بسم الله الرحمن الرحيم
في العشرين من صفر كل عام، تتحول كربلاء إلى ملتقى إنساني عالمي قل نظيره في التاريخ، حيث تتجه ملايين القلوب والعقول والأقدام نحو الإمام الحسين (عليه السلام)، مجددين العهد على الولاء لقيمه ونهضته الإصلاحية الخالدة.

ويشارك في هذا الموكب الإيماني رجال ونساء، وشباب وأطفال، شيب وشبان، من مختلف القارات والأديان، ليصنعوا بذلك أعظم تظاهرة سلمية شعبية عرفها العالم.

لقد تجاوزت زيارة الأربعين طابعها الطقوسي، لتصبح مشروعًا عالميًا حيًا يستلهم من مدرسة الإمام الحسين (ع) معاني حقوق الإنسانية في الكرامة والعدالة والحرية والإصلاح، ويجدد الالتزام بالقيم التي ضحى من أجلها أهل بيت النبوة وأصحابهم في كربلاء عام 61 هجري.

معالم المشروع الإصلاحي في نهضة الإمام الحسين (ع):

1- الالتزام بمنهج الحسين (ع): العدل ومقاومة الظلم والطغيان
أكدت نهضة الإمام الحسين (ع) على إقامة العدل، ورفض الظلم والطغيان، واحترام الحقوق والحريات، ورفض الاستبداد والتسلط والفساد. دعا الإمام إلى الانتصار للحق لا للأشخاص، وإلى عدم الخضوع لأصحاب النفوذ الذين يشترون الذمم بالترهيب والرشاوى، بل الاعتماد على الأمة الواعية التي لا تخدع ولا تستسلم.

2- كرامة الإنسان فوق كل اعتبار
إن مشروع الإمام (ع) نابع من قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، فكان هدفه الأساسي صيانة كرامة الإنسان ووعيه وحريته، وإفشال مخططات الإذلال والاستعباد، وكسر أدوات التزييف والخداع التي أنتجتها شبكات الفساد والتضليل.
قال الإمام (ع):
“إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح”.

3- العدل والأخلاق: لا للمكاسب الدنيوية
لم تكن نهضته طلبًا لمكاسب دنيوية أو ثأرًا شخصيًا أو نزاعًا طائفيًا، بل كانت دعوة صادقة لإحياء الأخلاق في الحكم والمجتمع، ونبذ أساليب الغدر والخداع والانحراف عن المبادئ الشرعية.

4- المواصفات الشرعية للحاكم
ركز الإمام الحسين (ع) على ضرورة وعي الأمة بمواصفات الحاكم العادل، الراعي للكتاب والقائم بالقسط. فشرعية الحكم تنبع من الالتزام بالقرآن والعدل ودين الحق، كما قال (ع):
“ولعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله”.

5- التكليف الشرعي والوطني
سعت النهضة الحسينية لإعادة بناء شخصية الإنسان المؤمن، الملتزم بمسؤوليته الإيمانية والسياسية والاجتماعية، وتعزيز وعيه في مواجهة السلطة الظالمة، والاستناد إلى الوسائل المشروعة في التعبير واتخاذ القرار.

6- تأجيج الوعي بالعاطفة الصادقة
الجانب العاطفي في فاجعة كربلاء لم يكن مجرد بكاء، بل كان وسيلة لإحياء الضمير وتفجير الوعي، وتحفيز الالتزام برسالة الإسلام ومنهج أهل البيت (ع). فالتفاعل العاطفي العميق مع المصاب الجلل كان حافزًا لاجتياز التقاليد السلبية والانتصار لحقوق الإنسان والعدالة.

7- الإعلام والتبليغ في مواجهة التضليل
مارس الإمام الحسين (ع) وأهل بيته، ولا سيما الامام السجاد (ع) والسيدة زينب الكبرى (ع)، أدوارًا إعلامية وتبليغية رائدة في كشف زيف السلطة الأموية وتوعية الأمة بأهداف النهضة، مستخدمين خطابًا إنسانيًا بليغًا يُحرك الضمير الجمعي ويُبين معالم الموقف الشرعي والأخلاقي.

8- المرأة شريكة في الثورة والإصلاح
برز دور السيدة زينب الكبرىً (ع) بعد واقعة كربلاء في التصدي الإعلامي والتربوي والسياسي، حيث واصلت حمل رسالة النهضة، دافعةً الأكاذيب، وراعيةً اليتامى، وناطقةً باسم المظلومين، فكانت النموذج الأكمل للمرأة المقاومة والواعية والداعية إلى الكرامة.

9- دروس للأمة المعاصرة
من أبرز ما تلهمنا به أربعينية الإمام الحسين (ع):
•الدعوة لوحدة الكلمة والموقف.
•الالتزام بقيم حقوق الإنسان وآلياتها الديمقراطية.
•الحفاظ على سيادة الأوطان واستقلالها.
•الاستجابة لمطالب الأمة  المشروعة.
•الحذر من الأعداء الذين يسعون لزرع الفتن والنزاعات وإبقاء الأمة في حالة تأخر وتشرذم.
    * التصدي للمنهج العدواني الذي ينفذه  كيان الابادة الجماعية والغاصب لفلسطين ومن يساندوه في عدوانه وحرمانه وقتل الأطفال والنساء والشيوخ في غزة الجريحة وغيرها من محافظات فلسطين المحتلة.

10- الامام الحسين (ع)؛ "والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد"
إن المسيرة الأربعينية ليست فقط وفاءً لنهضة الإمام الحسين (ع)، فحسب وانما  هي تجديد للعهد مع مشروعه الإصلاحي، وهي إعلان عالمي بأن الحسين لا يزال حيًا في ضمائر الأحرار، وأن قضيته قضية كل إنسان حرّ ينشد العدل والكرامة. فالمبايعون في كربلاء، وهم بالملايين، يعلنون بوضوح: “لن نرضى بالذل، ولن نسكت على الظلم، وسنواصل الطريق مع الحسين الامام الشهيد  في كل زمان  ومكان.”

 د. وليد الحلي
الأمين العام
مؤسسة حقوق الإنسان في العراق
14 صفر المظفر 1447
9 آب 2025

أخر الأخبار