بعد عامين من الاختطاف.. تسليم الإسرائيلية "تورسكوف" للسفارة الأمريكية في بغداد
- اليوم, 11:56
- تقاير ومقابلات
- 19 مشاهدة
"Today News": متابعة
:
في السادس والعشرين من مارس 2023، استيقظت العاصمة العراقية بغداد على حادثة اختطاف الباحثة الأكاديمية الروسية-الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف التي دخلت البلاد بجواز سفر روسي في مهمة أكاديمية، لإجراء أبحاث تتعلق بأطروحة الدكتوراه من جامعة برينستون الأمريكية، والتي تركز بشكل خاص على دراسة الجماعات المسلحة الشيعية في العراق ولبنان، وهو مجال حساس ومثير للجدل.
وما يزيد من تعقيد الأمر، أنها كانت قد نالت في وقت سابق شهادة الماجستير من جامعة تل أبيب، وهو ما أضفى عليها شكوكا أمنية لدى جهات عديدة، من بينها بعض الجماعات المسلحة.
تفاصيل الإختطاف
لم يمض وقت طويل حتى أعلنت مجموعة مسلحة تتبع لـ «كتائب حزب الله العراقي» مسؤوليتها عن اختطافها، بعد فترة من الاختطاف، ظهرت تسوركوف في مقطع فيديو مسجل من قبل خاطفيها. في هذا الفيديو الذي استمر لأربع دقائق، قدمت اعترافات متسلسلة أثارت دهشة الكثيرين. قالت إنها مواطنة إسرائيلية تبلغ من العمر 37 عاما، وإنها غادرت إسرائيل باتجاه الولايات المتحدة. كما اعترفت بأنها عملت لصالح جهازَي الموساد و CIA، وتواجدت في سورية عام 2022 بهدف إقامة علاقات بين إسرائيل و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
ثم تحدثت عن وجودها في العراق لـ«تقوية الخلافات وتنسيق التظاهرات»، في إشارة واضحة إلى حركة الاحتجاجات الشعبية العراقية 2019 (تظاهرات تشرين)، وهو اعتراف يضعها في قلب التجاذبات السياسية والأمنية المعقدة في البلاد، لكن هذه الاعترافات لم تحظ بقبول الرأي العام العراقي الذي عكسته وسائل التواصل الاجتماعي التي شددت على أن مثل هذه الاعترافات لا قيمة لها طالما أنها صدرت عن مخطوفة مسلوبة الإرادة، وأنها تقول ما يملى عليها من الجهة الخاطفة.
وعلى مدى عامين كاملين، باءت كل المحاولات الحكومية العراقية للوصول إلى اتفاق مع الجهة الخاطفة بالفشل. كانت المفاوضات تسير ببطء شديد وتصطدم بعقبات لا يمكن تجاوزها، ما جعل قضية تسوركوف تتحول إلى ملف دبلوماسي على صلة بالولايات المتحدة التي أبدت اهتماما بالحادثة.
وفي العاشر من سبتمبر الجاري لعام 2025 فوجئ الرأي العام المهتم بالحادثة بإعلان الرئيس دونالد ترمب عبر منصة «تروث سوشيال» أن «كتائب حزب الله» أطلقت سراح تسوركوف، وأنها أصبحت الآن في السفارة الأمريكية ببغداد.
لم يلبث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن كتب على منصة (إكس) مؤكدا رواية الحكومة، «تتويجا لجهود كبيرة بذلتها أجهزتنا الأمنية وعلى مدى شهور طويلة، نعلن عن تحرير المواطنة الروسية إليزابيث تسوركوف». لكن هذا البيان لم ينه الجدل، بل أثار نقاشا واسعا حول توقيت إعلانه والرواية التي تحدث بها عن دور الأجهزة الأمنية فيما كان إعلان الرئيس الأمريكي يتحدث صراحة أن كتائب حزب الله أطلقت سراحها.
الإفراج عن تسوركوف
كما أن الرواية الثالثة التي جاءت من مصدر في «كتائب حزب الله العراقي» مختلفة تماما عن روايتي ترمب والسوداني، حيث قال المصدر لوكالة الأنباء الفرنسية، «أطلقنا سراح تسوركوف ولم تجر أي عملية عسكرية لتحريرها، إنما أفرج عنها وفق شروط وأبرزها تمهيد لانسحاب القوات الأميركية من دون قتال وتجنيب العراق أي صراعات وقتال».
وخلافا للروايات الثلاثة، كشف مصدر خاص لـ«عكاظ»، «أنه لو تأخر إطلاق سراح المختطفة إليزابيث تسوركوف ساعات أخرى لقامت إسرائيل بعمليات استهداف لمواقع تابعة لكتائب حزب الله داخل العراق». وأضاف المصدر، «أن إطلاق سراح المختطفة لم يكن بأية شروط كما أعلن، إنما أُطلق سراحها لتجنب الاستهدافات التي كانت إسرائيل ستقوم بها لو لم يتم إطلاق سراحها».
هذه الروايات المتضاربة تكشف أن قضية تسوركوف لم تكن مجرد عملية اختطاف عابرة، بل كان يمكن لها أن تفجر الأوضاع في العراق، لذلك فإن إطلاق سراحها لم يكن نتاج جهود دبلوماسية أو عمليات عسكرية، بل جاء نتيجة ضغوط وتهديدات أمنية كبيرة، وتحديدا من إسرائيل، لتجنب تصعيد عسكري محتمل كان سيشعل المنطقة بأكملها.