العلامة الدكتور داود العطّار نموذج العالم الواعي الرسالي
"Today News": بغداد
شخصية المرحوم العلامة الدكتور داود بن سلمان العطّار (الكاظمية 1349هـ – 1930م – طهران 1403هـ – 1983م) تُعدّ من أبرز الرموز العلمية والفكرية والحركية في العراق المعاصر، وركناً أساسياً في المسار الإسلامي.
تجمع هذه الدراسة بين قراءة سيرته العلمية، مشروعه الفكري، دوره الجهادي، وتحليل أهم نماذجه الشعرية التي تحوّلت إلى أناشيد راسخة في الذاكرة الحركية، لتظهر شخصيته المتكاملة بين العلم، الفكر، والجهاد.
1. الالتقاء بين الفكر والجهاد
مثل الدكتور داود العطّار نموذجاً متكاملاً لالتقاء الفكر العميق بالموقف الحركي والرسالي، حيث جمع بين التخصص الأكاديمي، الالتزام الإسلامي، والحضور الفعلي في ساحة الوعي. عُرف بحدة ذكائه، رصانة تحليله، وقدرته على الجمع بين المنهج العلمي الصارم والرؤية الحركية العملية.
2. المسيرة العلمية
تدرّج الدكتور داود العطّار في دراسته الأكاديمية حتى حصل على أعلى الشهادات العلمية ، وأصبح واحداً من الباحثين الذين وضعوا معايير علمية رصينة في مجالات تخصصه، وأثرى المكتبة العربية والإسلامية بعدد من الدراسات والتحليلات التي أصبحت مراجع لطلاب العلم والدراسات العليا.
3. الإسهام الفكري والإسلامي:
تجلّى دوره في صياغة خطاب إسلامي معاصر قادر على استيعاب الواقع وتقديم قراءة جديدة تجمع بين مقاصد الشريعة ومتطلبات العصر. شكلت مقالاته وخطاباته مرجعاً فكرياً في الوعي الإسلامي الحركي، خصوصاً خلال السبعينيات والثمانينيات.
4- شعره ودلالاته الفكرية:
لم يكن شعره مجرد تعبير أدبي، بل جزءاً من مشروعه الفكري والجهادي، وقد نظم قصائد تحوّلت لاحقاً إلى أناشيد تعبويّة تمثل ذاكرة جيل كامل.
5.1 قصيدة «الحسين السبط» ودلالتها
الحسين السبط ضحّى وافتدى
بيضة الإسلام إذ عزّ الفدا
إن فقدناه إماماً قائماً
دمه ما زال نوراً وهدى
تظهر هذه الأبيات رسوخ منهجه في امتداد خط كربلاء إلى الوعي المعاصر، ورؤيته لكربلاء مدرسة لا تموت، ومنهجاً وحركة مستمرة.
5.2 قصيدته الخالدة: “يا شهيداً أين منك الشهدا”
يا شهيداً أين منك الشهدا
ما نرى شخصك إلا أوحدا
إن ديناً بالدماء قد صنته
كاد أن يُمحى فكنت المنجدا
تعكس هذه الأبيات رؤيته لمفهوم الشهادة كفعل وعي وإنقاذ للأمة، وتمثل ذروة الشعر الحركي في رثاء الشهيد المرجع والقائد والمفكر السيد محمد باقر الصدر.
5.3 نشيد “باقر الصدر منا سلاماً”
باقر الصدر منا سلاما
ايُّ باغ ســــقاك الحماما
انت ايقظتنا كيف تغفو
انت اقسمت ان لن تناما
كيف تنأى بعيدا ولما
يبلغ المؤمنون المراما
غبت عنا سريعاً ولما
يطرد الثائرون الظلاما
قد فقدناك زعيماً لا يجارى
فبكيناك دمًا دمعاً سجاما
يا شهيداً قام فرداً
ينتضي للطغاة حساما
أنت كالسبط حسين
قد أبيت الحياةَ مُظاما
يا أبا جعفرٍ سوف تبقى
رائداً للورى وإماما
كذب البعث ما زلتَ فينا
مشعلا هاديا يتساما
نحن أقسمنا يمينا أن نضحي
أو نرى الإسلام شرعاً و نظاما
دعوة قدتها قد تسامت
ثورةً هدفاً والتزاما
وشباباً دعوتَ فهبّوا
يرخصون الدماء كراما
وسـبيلاً سلكت أنيرت
بالضحايا وطابت مقاما
ومفاهيم صغت وفكراً
هام فيه الدعاة هياما
قد فديت الدين بالمهجة لما
حاول البعث من الدين انتقاما
إن دينا شيّدَته. أمةٌ بالدما يتسامى
يهزم الكفر و يبقى يملأ العالمين سلاما
يا أبا جعفر نم قرير العين. إنا هجرنا المناما
قد عشقنا الشهادة ذودًا
عن حمى الدين حتى يُقاما
نحن أقسمنا يمينًا أن نضحي
أو نرى الاسلام شرعاً ونظاما
6. أثره الفكري المستمر
ترك الدكتور العطّار أثراً بالغاً في خطاب الحركة الإسلامية، وفي بناء جيلٍ من المثقفين الواعين الذين حملوا مشروع النهضة الإسلامية. وقد بقي شعره وكتاباته جزءاً من الذاكرة الحركية والثقافية.
كان رجلاً جمع بين الفكر والجهاد، بين العلم والوعي، وبين القلم والموقف، عاش حياته حاملاً همّ الإسلام ومتقدماً الصفوف في ميادين الثقافة والحركة.
7. العطّار… صوت في زمن المحنة:
في أوقات الضيق، كان صوته يصدح بثبات:
لا تراجع… لا ضعف… لا استسلام.
وكان شعره ناراً توقظ الأرواح:
يا شهيداً أين منك الشهدا
ما نرى شخصك إلا أوحدا
إن ديناً بالدماء قد صنته
كاد أن يُمحى فكنت المنجدا
8. رفيق فكر السيد الشهيد الصدر
كان من أوفى الرجال لفكر الصدر ونهجه، وحمل قضيته حتى كتب نشيده الخالد:
باقر الصدر منا سلاماً…
9. العالم بحجم أمة
لم يكن العطّار محصوراً في حدود الأكاديمية، بل كان موسوعة فكرية، ورمزاً من رموز الدعوة، وقائداً في صناعة الثقافة الإسلامية الحديثة، وواحداً من صناع وعي جيل كامل.
10. رحيله ورثاء جيل
حين رحل، لم ترثه الكلمات، بل رثته القلوب التي عرفته: عالماً، مربياً، مفكراً، شاعراً رسالياً، ترك خلفه إرثاً لا يزول.
وليد الحلي
23-11-2023
16-12-2025, 22:56 تقرير لرويترز .. الجفاف "يهزم" القمح العراقي ويسقط حلم الاكتفاء الذاتي
16-12-2025, 11:41 بضغط من واشنطن.. بغداد تودع "يونامي" والعين الأمريكية على الفراغ الأممي
أمس, 11:12 إهانة القرآن انحدار أخلاقي فما موقف البيت الأبيض؟
د.رعدهادي جبارة15-12-2025, 14:26 إيران ولبنان… العلاقات التي لا تُلغِيها أزمة عابرة
د.رعدهادي جبارة15-12-2025, 10:04 رئاسة الوزراء العراقية… مأزق النظام السياسي
إبراهيم العبادي10-12-2025, 14:00 في الذكرى السنوية الثامنة للانتصار على الإرهاب الداعشي واليوم العالمي لحقوق الإنسان
د. وليد الحلي