• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

العراق يبيع النفط لتركيا مقابل الماء.. صفقة مثيرة للجدل

العراق يبيع النفط لتركيا مقابل الماء.. صفقة مثيرة للجدل

  • اليوم, 14:04
  • تقاير ومقابلات
  • 5 مشاهدة
"Today News": متابعة 

تتصاعد حدة الأزمة المائية التي يعاني منها العراق منذ سنوات نتيجة لتراجع البنى التحتية والظروف المناخية القاسية التي تتعرض لها البلاد التي أصبحت الآن أحد أكثر بلدان العالم تضررًا من أزمة التغير المناخي، لتظهر مبادرات حكومية أصدرتها بغداد لمحاولة معالجة الأزمة.

المبادرات التي تباينت بين تقليل الاستهلاك الداخلي للمياه وإغلاق بعض المشاريع المعتمدة على المياه وصلت إلى ذروتها بعد توقيع الحكومة العراقية صفقة "مليارية" مع الجانب التركي خلال شهر تشرين الثاني الماضي، تضمنت إنشاء صندوق تمويل يتم من خلاله بيع النفط إلى تركيا ووضع العائدات في الصندوق التركي الذي سيُستخدم لتمويل عمل شركات تركية تقوم بإعادة إعمار وإدارة البنى التحتية المائية في العراق.

البلاد التي تعاني من "سوء إدارة مواردها المائية، الفساد الإداري وأعوام من الإهمال التي قادت إلى تراجع البنى التحتية" بحسب وصف شبكة السي إن إن الأمريكية، أصبحت الآن بأمس الحاجة إلى المياه لتغطية حاجتها المحلية، حيث تصاعد استهلاك المياه محليًا نتيجة للتضخم السكاني والحضاري والقطاع الزراعي المتعطش جدًا إلى درجة أصبح معها العراق يستهلك نحو 80% من موارده المائية، التي تأتي 60% منها عن طريق تركيا".

المسؤولون العراقيون رحبوا بالصفقة التي اعتبروها "خطوة مهمة إلى الأمام لتعزيز الأمن المائي العراقي"، حيث أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون المياه طورهان المفتي، أن العراق بحسب الصفقة سيقوم "ببيع عدد معين من براميل النفط إلى تركيا يوميًا وسيتم تحويل العائدات إلى صندوق تركي يمول الشركات التركية التي ستعمل على إعادة بناء البنى التحتية المائية".

وزير الخارجية فؤاد حسين، وصف الصفقة بأنها "أساسية" لتأمين حاجة العراق المائية، موضحًا "بغداد لم يكن لديها سابقًا أي اتفاقية رسمية تحكم السياسة المائية مع تركيا لنهري دجلة والفرات"، مشددًا "للمرة الأولى لدينا آلية واضحة وملزمة للسياسة المائية ستعود بالفائدة على البلدين".
الصفقة التي قالت شبكة السي إن إن الأمريكية إن الحكومة التركية قدمتها للإعلام على أنها "مبادرة ذات نفع للطرفين" بحسب تصريحات وزير خارجيتها هاكان فيدان، تؤثر بشكل مباشر على السيادة العراقية وتقدم سابقة "خطيرة"، بحسب وصف الشبكة.

النفط مقابل الماء.. تحذيرات محلية ودولية

شبكة سي إن إن أكدت خلال التقرير الذي نشرته اليوم الأحد وترجمته وكالة "بغداد اليوم"، أن الصفقة التي تحاول أنقرة "تمريرها" على أنها "إيجابية للطرفين"، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وشهدت اعتراضات واسعة من المختصين وبعض الساسة العراقيين.

الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن ناتاشا هول، أكدت أن الصفقة "تثير القلق وتبدأ سابقة خطيرة"، موضحة "العراق أصبح معتمدًا بشكل كبير على الاتفاقيات الثنائية بدلاً من الاتفاقيات الدولية، هذا الأمر يعرض سيادته للخطر".

وتابعت "العراق بحاجة إلى ما هو أكبر بكثير من مجرد اتفاقية مع تركيا لتأمين سيادته وحماية أمنه المائي، فعلى الرغم من كونها خطوة في الاتجاه الصحيح إلا أنها تثير القلق من كونها تمنح تركيا "قبضة قوية على جارها الجنوبي ونفوذ واسع للمستقبل المنظور".

مقاربة هول أكّدها مؤسس ومدير برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول، الذي أوضح أن الصفقة "تصب في مصلحة تركيا بشكل كبير على حساب العراق وتمنح أنقرة سطوة على أهم الموارد حساسية في وقت الأزمات"، في إشارة إلى المياه.

خبيرة السياسة المائية والنائب السابق شروق العبايجي، أكدت للشبكة أيضًا أن المياه "حق من حقوق الإنسان حسب القانون الدولي وبالتالي لا يجوز اعتباره سلعة يتم ربطها بعائدات النفط"، مشددة "احذر من أن هذه الخطوة هي ابتعاد كامل عن المبادئ الدولية لدبلوماسية المياه".

وأضافت العبايجي "هذه الصفقة لا تمثل حلًا لمشكلة المياه في العراق، نحن بحاجة إلى سياسة مستقلة، محترفة، بعيدة الأمد ودولية لتأمين المياه للبلاد وبضمنها عمليات إصلاح تتضمن إعادة بناء القطاع الزراعي العراقي بشكل علمي".

تصريحات العبايجي توافقت مع ما طرحه الخبير البيئي ورئيس منظمة المناخ الأخضر العراقية مختار خميس، الذي أكد للشبكة، أن المياه تستخدم من قبل تركيا كأداة سياسية ضد العراق موضحًا "عملية بناء السدود التي قامت بها تركيا قللت بشكل كبير جدًا من تدفق المياه إلى العراق، الأمر الذي قاد إلى تعاظم تأثيرات أزمته بشكل كبير"، مضيفًا "أعوام من الفساد وسوء الإدارة تركت أثرها أيضًا ووضعّت العراق في موقف تفاوض ضعيف أمام تركيا فيما يتعلق بمشاركة المياه".

الشبكة أكدت أن الصفقة التي وقعتها بغداد مع أنقرة ومنحت بموجبها النفط للشركات التركية مقابل سيطرة تلك الشركات على عملية إعادة إعمار البنى التحتية المائية وزيادة الاطلاقات "تمثل محاولة واضحة لتحويل صادرات النفط العراقية إلى مياه"، بحسب وصفها.

تدخلات دولية وأهداف أردوغانية...

تقرير الشبكة أكّد أيضًا أن تبعات الصفقة "متعددة المليارات" التي "مثّلت محاولة لتحويل نفط العراق إلى مياه"، تتعدى الجانب الاقتصادي الذي تحاول تركيا تمريره من خلال شركاتها وعملها في العراق، مؤكدة أن الصفقة تمثل أيضًا "جزءًا من خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السياسية".

الشبكة أوردت تصريحات تول الذي قال إن الصفقة "تناسب وتتناغم مع خطة أردوغان لتوسعة النفوذ التركي على الشرق الأوسط وتساعده كذلك في ملف الطاقة"، موضحًا "الرئيس الأمريكي ضغط على أردوغان لإيقاف استيراد تركيا للنفط الروسي واستبداله بالنفط العراقي".

وتابع "النفط العراقي أصبح البديل الطبيعي للنفط الروسي الذي يرفض ترامب السماح لأردوغان باستيراده، الأمر الذي يجعل من النفط العراقي الآن ملفًا حيويًا لأمن الطاقة التركي".

السي إن إن أكدت أيضًا أن الرئيس التركي يحاول استخدام المياه كأداة نفوذ على العراق تحقق لتركيا مصلحة أكبر بكثير من تلك التي سيحصل عليها العراق، مؤكدة، أن تركيا نجحت بالحصول على النفط مقابل المياه ومشاريعها للبنى التحتية بالإضافة إلى أنها حققت سيطرة على السيادة المائية العراقية من خلال عمل شركاتها في تلك المشاريع، والتي أصبحت حكرًا لها نتيجة للصفقة.

الشبكة أعلنت أيضًا أن الحكومة التركية، وبعد الاتصال بها حول الصفقة، رفضت الإجابة على أسئلة السي إن إن أو إصدار أي تعليق أو تصريح.
أزمة إنسانية واقتصادية.. تبعات مباشرة

تقرير الشبكة أكّد أيضًا، أن الأزمة المائية التي يعاني منها العراق لا تمثل لشعبه نقاشًا سياسيًا بل صراعًا يوميًا، حيث أدت أزمة المياه إلى نزوح مباشر لنحو 168 ألف مواطن بحسب تقرير للأمم المتحدة، الأمر الذي دفع بالآلاف من العاملين في قطاع الزراعة إلى البحث عن وظائف مؤقتة أو التخلي عن الزراعة والاتجاه لأعمال خاصة أخرى بشكل كامل.

الشبكة أوردت مقابلات مع فلاحين عراقيين اضطروا إلى التخلي عن زراعة أراضيهم نتيجة لشحة المياه وما تبعه من تراجع في المستوى المعيشي، مؤكدة أن الأزمة المائية الحالية لا تؤثر فقط على قطاع الزراعة بل تخلق أزمات متتابعة منها أزمة نزوح وأزمة بطالة وأزمة مالية تضرب الشرائح المجتمعية التي تعتمد على الزراعة كمهنة، بالإضافة إلى أضرارها الكبيرة بالاقتصاد العراقي نتيجة لتراجع قدرة البلاد على توفير أساسيات الغذاء ذاتيًا.

وأوضحت أيضًا أن العديد من الأراضي الزراعية باتت تتحول الآن إلى مناطق سكنية غير رسمية، الأمر الذي يضع الدولة العراقية بمواجهة متطلبات بنى تحتية إضافية يجب أن تتوفر لسكان هذه المناطق، مما يزيد من الضغط على قطاع البنى التحتية المتهالك.

تقرير الشبكة اختتم بالتأكيد على أن سنوات من سوء الإدارة الحكومية والفساد وتعمق الأزمات دون معالجات، قاد الفلاحين عبر العراق إلى ترك حياتهم والعيش بأسلوب حياة جديد لم يرغبوا به، موضحة "على الرغم من ذلك فإن بعض الفلاحين والعاملين بقطاع الزراعة يرون في الصفقة أملًا حذرًا في أن تعود أراضيهم للإنتاج مرة أخرى".

أخر الأخبار