• بغداد
    +31...+34° C
  • الموصل https://www.booked.net/
    +23...+29° C
  • كربلاء https://www.booked.net/
    +32...+37° C

استبعاد المرشحين من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق .. ما بين نزاهة العملية وعبثية الطموح

استبعاد المرشحين من قبل المفوضية العليا للانتخابات في العراق .. ما بين نزاهة العملية وعبثية الطموح

  • أمس, 22:35
  • مقالات
  • 29 مشاهدة
د.محمد عصمت البياتي

"Today News": بغداد 

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عن استبعاد عدد من المرشحين من السباق الانتخابي، استناداً إلى شبهات ومخالفات قانونية وأخلاقية تطالهم. ولئن بدا هذا الإجراء في ظاهره إجراءً إدارياً محضاً، فإنه في جوهره يعكس أزمة بنيوية في المشهد السياسي العراقي، ويطرح أسئلة عميقة حول طبيعة من يتصدّرون للعمل التشريعي والرقابي.

*المفوضية وحراسة الشرعية الانتخابية*

إن من صميم مهام المفوضية حماية العملية الانتخابية من الانحراف والاختراق، وصون شرعيتها أمام الرأي العام. فالتدقيق في ملفات المرشحين والتمحيص في سيرهم ليس ترفاً إدارياً، بل هو واجب وطني يراد منه أن لا تتحول قبة البرلمان إلى مأوى للهاربين من المساءلة، أو مظلة لمن تلاحقهم قضايا الفساد والانحراف.

*مفارقة الطموح المشبوه*

المثير للدهشة أن بعض المستبعدين، وهم مثقلون بالاتهامات والدعاوى، ما زالوا يلهثون وراء مقعدٍ نيابي، وكأن التشريع والرقابة صكوك غفران أو حصانة شخصية تدرأ عنهم الحساب. فكيف يستقيم أن يُناط بمهام سنّ القوانين والرقابة على مؤسسات الدولة من هو موضع شبهة أو طرف في قضايا فساد؟ إن ذلك لا يعدو كونه عبثاً سياسياً يسيء لفكرة التمثيل الشعبي ويشوّه قدسية الوظيفة التشريعية.

*دلالات الاستبعاد*

رسالة إصلاحية: أن العملية الانتخابية ليست ساحة مفتوحة لكل طامح، بل فضاء مشروط بالنزاهة والالتزام بالقانون.

محكّ للقضاء: إذ يُبرز الاستبعاد ضرورة أن يضطلع القضاء بدوره الفاعل في حسم الملفات بعيداً عن التجاذبات السياسية.

مرآة للأحزاب: فقبول أحزاب بترشيح وجوه مثقلة بالشبهات يكشف ضمور قدرتها على إنتاج نخبة نقية، مؤهلة فكراً ومسلكاً.

*ما بين القانون والوعي الشعبي*

لا يكفي أن تبقى المعايير محصورة في استبعاد من صدرت بحقهم أحكام قضائية، بل ثمة حاجة إلى إعادة تعريف شروط الترشح بما يضمن سلامة السيرة المالية والأخلاقية للمرشح. وفي المقابل، فإن وعي الناخب هو الحصن الأخير؛ فالشعب الذي يرفض إعادة تدوير الفاسدين ويمنح صوته للمخلصين هو وحده القادر على أن يحول دون اختطاف العملية الديمقراطية.

*خاتمة*

إن استبعاد المفوضية لعدد من المرشحين خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تكشف في الوقت نفسه حجم التحدي أمام عراق يتطلع إلى برلمان يشرّع ويراقب بضمير حيّ لا بمصالح شخصية. والأجدر بمن تلاحقهم التهم أن ينأوا بأنفسهم عن الترشح صوناً لكرامة المنصب التشريعي، لا أن يركضوا وراءه طمعاً في حصانةٍ مؤقتة. فالديمقراطية، إن لم يحرسها القانون ويصونها وعي الشعب، ستظل عرضة لعبث الطامحين ومطامع الفاسدين.

أخر الأخبار