الحياد الاستراتيجي للعراق .. حماية السيادة وتجنب ويلات الحرب
"Today News":
*????حماية السيادة وتجنب ويلات الحرب*
*????بغدادتضامنت مع طهران ولم تتورط في الحرب*
قال تعالى:
*﴿غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾.*
????في مواجهة نزاع يهدد الاستقرار الإقليمي، قبل شهرين ونصف، ثبّت العراق موقفه الاستراتيجي بالحياد، محافظًا على سيادته ومنع التدخلات، ومدافعًا عن مصالح شعبه بعيدًا عن أي صراع دموي بين قوتين متحاربتين، ليكون حيادالعراق تعبيرا عن الحكمةوبعد النظر وحقن الدماء وليس ضعفًا.
فمن الحكمة أن لا يتورط العراق في نزاعات إقليمية ودولية بين دول أخرى،بينها خلافاتها لها أول وليس لها آخر.
????وحتى النبي الأكرم ﷺوآله لم يتورط في أي نزاع بين طرفين آخرين طيلة عمره الشريف البالغ 63 سنة، ولم يُسبب سفك دماء المسلمين لصالح أي قبيلة تصارع قبيلة أخرى، أو نزاع بين إمبراطورية فارس ودولة الروم، ولا بين اليمن والحبشة.
????ولأن طبيعة الخلاف بين الحكومتين الإيرانية والأمريكية هو على النفوذ الإقليمي و المصالح الخاصة لكل منهما، وهو صراع ذو جذور ثنائية منذ أكثر من خمسة عقود، لكنه قابل للحل بالمفاوضات بينهما متى ما رغبتا بترك العداء الثنائي، فلماذا يتدخل العراق وينحاز لهذه الدولة أو تلك ويتلقى الضربات؟
????ثم إنه لم يُفتِ أي من مراجعنا، وبالذات السيد السيستاني، بوجوب نفير العراقيين للجهاد تضامنًا مع إيران، كما لم يطلب السيد الخامنئي ذلك، بل على العكس: علمنا أن القيادة الإيرانية نفسها نصحت المجموعات المسلحة في العراق بعدم التدخل عسكريًا في القصف المتبادل الذي استمر 12 يومًا، حفاظًا على العراق وعتباته المقدسة.
????كان موقف العراقيين إذن صائبًا بصون بلدهم وحقن دمائهم، لأن تدخلهم في نزاع كهذا لا يحمل طابعًا جهاديًا ولا يمثل حرب الإسلام ضد الكفر، بل هو صراع مصالح وأدوات ردع متبادلة، وأي تدخل عراقي لن يؤدي إلا إلى دمار شامل بلا جدوى.
????لقد أكّد السيد السيستاني أن العراق لا يجوز أن يُزجّ في حروب الآخرين، وأدان الاعتداءات على إيران محذرًا من الفوضى التي تهدد استقرار المنطقة، و داعيًا لحل سلمي وعادل.
????وفي المقابل، أيد *حزب الدعوة الإسلامية* معنويا موقف إيران بشكل علني عبر بيانات متتالية:
????ففي بيان المكتب السياسي بتاريخ 13 حزيران 2025 قال: «ندين العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونثق بقدرة الشعب الإيراني على رد العدوان».
ثم عاد الحزب ليشيد ببيان المرجعية العليا ويؤكد أنه عبّر عن الموقف الأخلاقي والشرعي برفض العدوان (19 حزيران 2025).
وأخيرًا، بعد وقف إطلاق النار، أصدر حزب الدعوة الإسلامية بيانًا (24 حزيران 2025) وصف فيه نتيجة المواجهة بأنها «نصر إلهي مبين سجّلته الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
????أما التيار الصدري، فقد اتخذ موقفًا مختلفًا، حيث أصدر السيد مقتدى الصدر بيانًا في 13 حزيران 2025 شدد فيه على أن «العراق لا يحتمل حروبًا جديدة» وأدان اختراق إسرائيل للمجال الجوي العراقي، داعيًا الحكومة لمعاقبة الكيان بالطرق الدولية، لكنه رفض بشكل قاطع إدخال العراق في أتون الحرب.
????وعلى الصعيد الدولي، رحبت الأطراف الكبرى ضمنيًا بتحييد العراق: أمريكا لم تعترض طالما أن الحياد لم يمس قواعدها ومصالحها، أوروبا وروسيا شجعتا أي مسعى لوقف التصعيد، فيما أبقت إيران على احترامها لحياد العراق رغم تلميحات بعض قياداتها بضرورة أن يأتي دور العراق لاحقًا.
*????إن تمسّك العراق بالحياد لم يكن موقفًا سلبيًا، بل كان مكسبًا استراتيجيًا خالصًا: حمى البلاد من التورط في حرب ليست للعراق فيها ناقة ولا جمل.* فالعراقيون ليسوا طرفًا في نزاع على النفوذ بين طهران وواشنطن وتل أبيب، ولا مصلحة لهم في أن تُستنزف دماؤهم وتدمَّر مدنهم من أجل تصفية حسابات بين الآخرين. *الحياد كان درعًا وقائيًا صان السيادة العراقية، ومنع تحويل العراق إلى وقودٍ جديدٍ لحرب إقليمية عبثية.*
وهكذا فعلت إيران مرتين عندما قُصف العراق بالصواريخ الأمريكية من البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط في 1991، وعندما اجتاحت القوات الامريكيةوحلفاؤها العراق من الحدود الكويتية في2003حتى دخلت بغداد وهرب رأس النظام،اتخذت طهران موقف الحياد،ولم تتدخل برصاصةواحدة على المهاجمين.
????والخلاصة:
*إن الحياد العراقي لم يكن انسحابًا من المسؤولية، بل كان موقفًا متوازنًا ينأى بالبلاد عن ويلات حرب لا طائل منها، ويعزز السيادة الداخلية و يجنب العراقيين نزيف دماء جديدة بعد عقود من النزاعات. وهو موقف يُحتذى، لأنه قدّم مصلحة العراق العليا على الانفعالات و الاصطفافات، وأثبت أن الحكمة والاعتدال أقوى من الاندفاع غير المدروس و الشعارات.
د.رعدهادي جبارة
رئيس تحرير
مجلة الكلمة الحرة
اليوم, 14:34 الحياد الاستراتيجي للعراق .. حماية السيادة وتجنب ويلات الحرب
د.رعدهادي جبارة2-09-2025, 13:16 من عبودية المال إلى عبودية الله
د.رعدهادي جبارة2-09-2025, 12:11 مصالح العراق في منظور القراءات المتباينة
إبراهيم العبادي31-08-2025, 12:15 الإمام الحسن العسكري (ع) .. صوت الإصلاح في زمن القهر
د. وليد الحلي